عندما كنتُ صغير .....
كنتُ
أرقبُ الأحلامَ
تمرُ
كأسرابِ العصافير
كنتُ أجمعُ الأفراحَ
من حولي
ببراءة طفلٍ
يجمعُ الأصدافَ
من على الشاطئ
الحالمِ
في عينيه
حتى والبحر
غاضبٌ
هادرٌ
على الريحِ
يثور!!!
كنت أجمعُ كل بسمة
ثم أنشرها
وأهديها
لكل من أراه
بسمة نور
ثم
أصنعُ منها جناحاً
وأطير
كانت حياتي كلها
تبدأ في الصباح
عندما استيقظُ
من نومي
و أفتح عيني
عندها فقط
كانت الأرض
تدور
كان يومي مستقبلي
وأمسي ماضٍ بعيد
في كل يوم كان عندي
ألف ألف حلمٍ جديد
لاأعرف للمال ثمن
لاأعرف أن لكل شيء في الكون ثمن
لاأعرف من يصنع هذا الخبز
أوذاك الفطير
أمسك ذيل ثوب أمي
أرقبها تطهو
أملُ من الانتظار
أضع ابهامي في فمي
تلتفت أمي نحوي
ترفع حاجبيها
تسأل باستغراب
آه
السعيد
مازال صغير ؟؟؟!!
كنت حقاً يؤم صغير
عندما كنتُ صغيراً
كنتُ عندما أغفو
يداعب مقلتي
طيفُ عبير
أمي تقول لي
وأنت نائم تبتسم !!
بماذا حلمتَ
ياقمري الصغير؟
كنتُ أسكت
لاأدري ماأقول !!!
عندما كنتُ صغير
عندما كنتُ صغيراً
ماخترع البشر
الكذب بعد
ولاالغدر
ولا ابتسامات التصنعِ
لا
ولاموتَ الضمير !!!
عندما كنتُ صغيراً
كانت الشمس تُشرق دافئة
كان يأسرني
يومٌ مطير
عندما كنتُ صغيراً
كان الكل يُضحكني
محمد
وحمدى
ومنى
وعبير
كان الحزنُ يأسرني
عندما أرى أنثى
تنام على الحصير
أو أرى شيخاً كبيراً
عاجزاً
يُنهكهُ المسير
أو أرى طفلاً صغيراً
يرقبُ الأطفال
يأكلون مايشتهون
وهو نحو الغيب
ينظرُ
حائراً
يأكلُ الأحلام
يقتات الأماني
ودموعه
يشربها
عصير !!!!
عندما كنتُ صغيراً
كنتُ أرى الناس
جبالاً كأبي
كنت أرى الناس
كراماً
بحور طيبة
وجمالٍ
ووفاءٍ
وخير كثير
كنتُ أظن أكفهم
ككف أمي
صُنعت من حرير
كنتُ أظنُ الحبَ حباً
لاغرضاً
سافلاً
ساقطاً
ينتهي فوق السرير!!!!!
عندما كنتُ صغيراً
كنت أشتاق لكل من غاب عني
كنت أرقب عودتهم
كل يومٍ
أسأل عنهم
أين هم؟؟
متى يعودوا؟؟
متى نعود كما كنا
نسبق الأطيار
والنسمات
والشدو
في فناء بيتنا
الحلو
المستدير
بعضهم كان يعود
وبعضهم
ماعاد
ولن يعود
طالما كنتُ صغير !!!!
عندما كنتُ صغيراً
ماكنت أدري أن في الكون
شك
ولارتياب
ولاظن سوءٍ
ولا أكاذيب الصحاب
كان الكل عندي صادقٌ
حتى حكايات جدتي
كنت أحياها
واقعاً
وأحياناً مرير !!!
ماكنت أعلم أن
حكايا جدتي
كانت
خيال
كانت تنام جدتي
وأظل أرقب
متلهفاً
مقدمَ الأمير
ولا يأتي الأمير
عندما كنتُ صغير
عندما كنتُ صغيراً
كان خروج أخي من البيت سراً
في المساء
سرٌ خطير !!!
أهرب من أعين أمي
أخاف أن تسأل
خرج أخوك؟
وأبوح بالسر الخطير
كنت عندما ألعب
ألهو
أضحك
أجري
أقفز
أفعل كل ذلك بضمير
وفي المساء عندما أغفو متعباً
مُنهكاً
فوق السرير
أكمل اللهو حُلماً
رائعاً
فيه أشجارٌ
وأسفارٌ
فيه أمير حكايا جدتي
فيه كل أنواع العصافير
عندما كنتُ صغيراً
كانت همومي أصغر
كانت مطالبي بسيطة
لعبةٌ
أو قبلةٌ
أو ضمةٌ
أو قطعة حلوى
أو ذهابٌ لفلان
أو أن يأتي إلينا فلان
أو دفترٌ
أو ممحاة جديدة
أو حقيبة
عندما كنتُ صغيراً
كانت الدنيا كما أهوى
تسير
حزنتُ كثيراً
بكيت كثيراً
تضايقتُ كثيراً
ولكن على أشياء تافهة
كنت أظن أتفهها
أمرٌ خطير
لكنني
ماجرحتُ
ماظُلمتُ
مامُزقتُ
ماطُعنتُ
ماغُدرتُ
إلا وأنا كبير !!!!!!
ليتني
ليتني
ليتني
مازلتُ ذاك الصغير